لماذا تعتبر (الإيجو) عنصرا أساسيا في عملية إدراك الذات الحقيقية بالرغم من انها شيء وهمي؟
في البداية لا بد من التفريق بين الشيء الوهمي والشيء غير الحقيقي:
فالشيء الوهمي: هو شيء له وجود حقيقي لكنه لا يظهر على صورته الحقيقية، مثل السراب الصحراوي فهو ظاهرة وهمية تظهر للناظر إنها بركة ماء، لكنه في الحقيقة هو مجرد انكسار للضوء، وهو ظاهرة غير ملموسة لكنه حقيقي، أي أن كل الأوهام توجد ظاهرة حقيقية لها.
أما الشيء غير الحقيقي: فإنه لا وجود له حتى ولو كان في صورة وهم على سبيل المثال (الدائرة المربعة)، هل يستطيع أحد أن يتخيل وجود دائرة مربعة حتى ولو كانت شيئا وهميا؟
لذا فالدائرة المربعة ليست وهما إنما هي غير موجودة وغير حقيقية.
السراب الصحراوي هو ليس بركة من الماء كما يبدو، لكنه انكسار للضوء، بينما لا توجد فائدة من التمعن بالدائرة المربعة، لأنها لا تعطينا إشارة عن الواقع، ولو تمعنا بعمق في بركة الماء سنصل حتما إلى حقيقة انكسار الضوء، أي إذا تمعنا في الوهم سنجد الحقيقة فيه.
ولهذا (الايجو) ليس شيئا موجودا، بل هناك شيئا فيه، والفرد يعرف شعور (الأنا)، ذلك الشعور الذي يقول فيه انا هو كذا!، الشعور الذي يكون عليه الفرد حينما يشعر لنفسه أنه موجود، والكثير منا لا يدرك المعنى الحقيقي لل (انا)، يظن أن (الأنا) هي الذات المؤقتة والمحدودة، الذات المؤقتة والمحدودة هي الوهم، أما (الأنا) فهي حقيقية، شيء موجود بالفعل، هناك شيء حقيقي في الذات المنفصلة، بعبارة أخرى هناك جوهر وراء الذات الوهمية، الذات الوهمية تلك التي يطلق عليها (الايجو) الخاصة بكل منا، لذا يجدر بكل منا أن يتمعن في الشعور بالانفصال، عليه أن يتمعن في الذات الوهمية التي يظن انه هي.
وعندما سئل أحد الحكماء (في أي ذات نبحث في رحلة اكتشاف الذات، هل نبحث في الذات الوهمية أم في الذات الحقيقية؟)
اجاب: لا يهم ابحث فقط في أي مما كنت تعتقده عن نفسك، تحقق فيها وحسب، إذا جاهدت نفسك بصدق بغض النظر عما تعتقده عن نفسك، في نهاية المطاف ستصل حتما إلى حقيقتها، وفي الذات الحقيقية يوجد الوعي اللامتناهي.
ذ. عبد الكريم حمزة عباس / العراق
