الشعر وسط حيي القديم.. / بقلم: ذ. المصطفى المحبوب / المغرب


لا أتذكر متى حاولت البحث عن دفاتر حياتي الماضية،
سألت أحد عمال النظافة هل بإمكانه مراقبة الأفراح التي انسلت عبر مواسير المياه وصناديق القمامة، أجابني ببساطة أن راتبه الشهري لم يسمح له بأعمال إضافية…
بالنسبة لي أي نشاط لغوي قد يقودني للسجن أو يضعني
في زاوية لا تسمح للماء بالمرور، أما المشاهد التي أرعبتني
وأنا أشاهد ابن حيي يقاد إلى السجن ساعة الفجر لم تترك لي مساحة للفرح أو نورا يساعدني على الانتهاء من خياطة سروالي الممزق أو اصلاح أحذيتي البلاستيكية..
مازلت أتذكر رقصة الوردة والقصدير الذي نحتمي به من أشعة الشمس ولعنة الأمطار…
هكذا كنت أتصور الأشياء، لم يخطر ببالي موسم الحرث ولا فرحة الفلاحين الذي يسحبون كل يوم حبال الآبار وأعناق القروض..
للمرة الأخيرة لن أسمح لهؤلاء بفسخ عقد المحبة، أو بيع ملابس أحبتي بأسواق مليئة بالفوضى وصراخ بائعي أدوية القمل والكائنات الزاحفة والمقلقة..
هكذا أتصور الحياة طرقا مزدحمة تروق اللصوص، أما الشوارع التي يمر بها أصدقائي فأحببت أن أتركها تنمو دون ألم أو سؤال…
تذكرت الأحياء التي صاحبت فيها فتيات دون أن أرتكب أي خطأ، أو تُسَجل عني أي شكاية بدائرة الحي، أما أسرتي فظلت دائما تفتخر بي وتذكر اسمي في مناسبات الولادة والزواج..
الغريب أني كنت كلما فكرت في بيع كتبي آخر السنة أتطلع لأزقة حيي القصديري فأفهم أني بحاجة لمزيد من الكتب والدفاتر..
فجأة استدار نحوي جدار وسألني عن تكلفة غذاء وسط غابة أو بالقرب من نهر، أما ثمن الحائط القصديري فيمكن التفكير في سلفة لإصلاحه..
مرة أخرى أرتجف كلما تذكرت نصائح صديقي الشاعر،
كيف سأصاحب الفرح وأنا أبحث عن وجبات تسببت في فراق عاشقين..
كيف أجعل من الكتابة وطني وأنا لا أملك قصيدة..
أرتجف أيضا لأن سعر الكتابة ارتفع ولم يعد بإمكان الشاعر أن يطلب أكلا بدون مجاز أو بنزين..

ذ. المصطفى المحبوب / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *