الروح عطشى والنهر بعيد، الآمال الذابلة هل تستسلم صاغرةً ليأس أوقد جمره فأحرق مسامات الندى؟ يا لعطر التربةِ وهو عبر أمداءِ الكون، يختزل ومضات البرق بشهقة حنين!
معك يا عطر تتعرى الأماكن من المسافة، فأحضنك وكأنني أحتضن مدينتي المغطاة بدخان الحرب!!! أتنفسك يا عطر كبلسم يفكّ عنّي اختناقاتي يبدد غصةً ما عرفتها يوما رغم اشتداد غدرات الزمان، أنا يا عطر النازحة الحائرة، في حيرتي أتلظّى بدوّامة حلزونية ترمي بي في أحضان أمواج تأخذني حينا في مد وحينا آخر في جزر ويبقى العطر مؤنسي في عودة ورحيل. أنا النازحة أسطّر الحكايات بيراعٍ لا ينضب مداده، ذلك المداد مقدّس، والمقدّس في حياتي يسمو ولا يخبو.
مهما كان للخداع من أوجه، تبقى في دواتي شفافية الصدق تنتقي ألوانها من حديقة السّحر فتنجلي الكلمات قصائد تمدّ لها على بساط الحياة رقصة ينقّيها الغربال من حصى الخطوات. ألا ليت كل منا يلبس بيده ساعة بلا عقارب كي لا تذكرنا بلهاثنا المتواصل خلف دقاتها، لعلنا نستريح تحت ظل شجرةٍ بصقت أغصانها سموم اليأس. الزمن لا يعترف باستراحة، تربّعي يا قدماي هنا وتجاهلي الزمن، اتركيه يركض انظري إلى اللاهثين خلفه، ثمّ قهقهي ولكن بصوت لا يسمعه إلا قلبك.