متمرِّدٌ لا يطغىٰ / بقلم: ذ. كامل عبد الحسين الكعبي / العراق


الليلُ الذي أغلقَ نوافذَهُ
بوجهِ الصباح
كانَ يقدحُ سُبُحاتِ الوسن
وحينَ غفا أصابَهُ الأرَقُ
سأظلُّ مُرابِطاً
حتىٰ ترتخي أجفانهُ
أو أنفذُ في عينيهِ
حتىٰ تسيل من تحتِ الأهدابِ جداول
الكؤوسُ التي شربْنا بها
نخبَ طفولتنا
دائماً ما تُذكّرنا بكؤوسٍ أخر
سبقَ أنْ أخلفَتْ مواعيدَها
لكنّها تعلّمنا معنىٰ الحرمانِ
وتجعلنا أكثر حرصاً
علىٰ قيمةِ اللذّة
القلوبُ التي ملّتْ أقفاصَها
قَدْ تنشطرُ أفقيّاً
وتضعُ حدّاً فاصلاً
بينَ أرضٍ وسماءٍ
ما بينَ ضحكٍ وبكاءٍ
فينبجسُ منها بحرٌ وقفارٌ
حتّىٰ يتراقصُ النبضُ
وتنطقُ الشَفَتان
المحطّاتُ المهجوراتُ
تثيرُ شهيّتها صرخةُ الضميرِ
تدبُّ في أوصالها نفحاتُ الأملِ
لتزيلَ النتوءاتِ المتناثراتِ
هنا وهناك
علىٰ جانبي الحلم
القبورُ التي بُشِّرَ بها المرضىٰ
قَدْ تكون منصّةً لحوارٍ طينيٍّ
يسخرُ بالأثيرِ
يشاكسُ الثرىٰ
يحصي شواهدَ الأجداثِ
ويزيدُ عددَ الأحياءِ
في عِدادِ الموتىٰ
القصائدُ المتمرِّدةُ
صريرُ وجعٍ
ينفخُ في ذاكرةِ الرمادِ
يثيرُ هبوبَ العاصفةِ
يزيدُ الليلَ غموضاً
والنهارَ وضوحاً
قَدْ تُحيي وتُميت
لكنّها أبداً لا تستكين
حتّىٰ تبلغ النَزْعَ الأخير.

ذ. كامل عبد الحسين الكعبي / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *