مجرد أطلال أنا يا سيدتي، تروي لليراع أحلام الصبا، وتلهم الريشة زخرفة جروح الحنين، يرسم على جبيني الزمن بالصمت قصائد توجعي، وفي عيوني مواسم الهجر وسفن الرحيل… فلا تبهرك منمنمات الوشم المرصعة، ولا درر العبارات التي أنثرها، ولا طعنات رماح زينتها على صدري الأيام بمشرطها، ولونها صبري بمداد دواة معتقة…
تلك هي أعمدة ذاتي لا تزال منحنية من هزات الدهر المتوالية، وتصدع العرش الذي صنع من زمن العز لبسمتي صولتها….
والله ما بقي في فؤادي للحب سلامة موطن، وما بقيت نفسي تشتهي فيه الحياة، ولا في دنيا العشاق راحلة مطمع، ولا قصد الدناءة إليها كان يدفعني. أمليت للحظ لما كان يبتسم، لأكشف دائما عن صدق طويتي، أنزل من مطيتي بطيب خاطر، وأمتطي وراءه صهوة تجلدي، فإذا طلت مآذن ديارهم، انفضوا إليها بشغف المتيم، وتنازلت دون تكلف، أشواقهم عن مودتي، ويكتب الدهر أفراحهم في سجله بداية غربتي…
سأعيش يا سيدتي لذكريات الحلم الجميل مرتعا، وأرعى فيه الآمال البائسة، أعزف على أوتار الصمت لحن الجحود، وعلى الناي مطلع قصائد خيبتي، وبخواطر الفناء أطرب قوافل العاشقين.
موحشة هي المسالك إلى قلبي يا سيدتي فاعذريني، وأشباحها ما عادت تؤمن بالورود…
دونك مني مودة غريب ينصهر، وحسبي منك ابتسامة من بعيد.