على يسار الطريق المقابل لكورنيش النيل يجلس وأمامه (قفتين) بهما ما جاد الكريم به من ماء النهر من سمك البلطي والقرموط النيلي مغطى بحشائش خضراء كقلبه، لا ينادي كبقية البائعين؛ فهو دائما يقول: السمك يصطاد صاحبه كما يصطاده الصياد، ويغطي السمك حتى لا ينظر كاعتقاده.
تأتي في بنطالها الجينز الضيق وقميصها الأصفر (التي شيرت) الذي لا يدل أبدا على ستينيتها ولا على مرض السكر تكشف بحرص بطرف سبابتها وإبهامها عن الحشائش التي تغطي السمك وهي تنظر بقوة في عينيه الممتلئة سهرا تحت عمامته البيضاء المرتوية عرقا، وتجاعيد وجهه السمراء سائلة عن ثمن السمك، فبادرها الرد متسرعا: كل الحمل بدون مقابل لك، فرفعت رأسها وشعرها المصبوغ وكأنها تحرمه من عطرها الفرنسي وإطلالة جسدها المتدلي من فتحة القميص، واعتدلت في وقفتها قائلة بدلال: اصطدت أنت السمك وأنا اصطدت صياده. وتركته ومضت في دموع توبته.