اقبلوني هكذا
رجلا بعينين كبيرتين على ظهري
ورأس لا تخلد للنوم
اقبلوني هكذا
رجلا يقذف السماء بحجر
كي يُسقط بلحَ الضوء
و يصطاد غيمة
تفر من يدي كل صباح
أنا هكذا رجل
ينتظر منذ آلاف السنين
على باب كنيسة
أن تمطر السماء
بالأرانب
وسلالات التوت النادره
أن تمطر بامرأة من العصر الحجري
تعرف
كيف تحضنني بأصابع من كرز
وكيف ترافقني إلى خيمة رأسي
وكيف تحضنني هكذا هواء
(قالت لي أمي:
جسمك الهزيل أذبته كقرص أسبرين
في كوب ماء
وأنت تخرج من صدري)
اقبلوني كما أنا
رجلا يحب
أن تولد السماء في جيب امرأة
من العصر الحجري
تعرف
أن النهاية بداية لعالم
يكبر خارج الكلمات
وخارج منطق الأشياء
وبعيدا عن عيني ظهري الكبيرتين
كنت دائما أتطلع إلى شجرة
تنبت على ظهر أبي
كل مساء
وكنت أقرأ في كفه اليمنى
تاريخ حزن عينيه
(في عيني أبي الغيميتين
دمعتان يابستان
وزفرة نائمة)
وكنت أرى فراشات حزنه داخل رأسه
وأبكي
(رأس أبي شفاف كزجاجة)
وكنت أرى أسماك حزنه في صدره
وأبكي
(صدر أبي شفاف كرأسه)
وكنت أرى كوب أمي
وجسمي داخله
كقرص فوار
وكنت أراني كما أنا
أجمع حولي
في آخر الشارع
أكواما من الطين
والقش
كي أصنع رجلا
للقرن المقبل
رجلا بقلب في رأسه
وجناحين
رجلا
حين يسير في الشارع
تتبعه البنايات
وحدائق الألعاب
والناس الطيبون
رجلا تخرج من أصابع كفه
أشجار الحور
كي تظلل
عاملات الموز في المزارع العصرية
رجلا
ينبت العشب على كتفيه
كلما أجدب النهر
وترفرف عصافير أصابعه
كلما أوغل الشارع في البكاء
رجلا يحب الشعر
والرقص مع العصافير
اقبلوني هكذا رجلا
يعشق أن ينام على غيمة
حين ينام الناس الطيبون
تحت نافذة البحر
يحلمون
بأكاسيا
بعينين كبيرتين
تمشي على الرمل.