سلامٌ آتٍ يلوحُ بيدِه يشيرُ بعلامة النصر أنَّ لا ليلَ إلا بعدَه إشراقُة شمسٍ تزيل الصّقيعَ السّاكن في الأوردة.
الفراغ يتثاقلُ بوجودِه يحيط العالمَ بجثثٍ مرميّة في كل الاتجاهاتِ، الجثثُ تتحرّك بلا أرواحٍ يحاصرها المللُ المقيمُ في زوابعَ من غبار وقد كتبتْ عليها البطالةُ، هنا رؤوسُ مفكّرين تلعقُ الخيباتِ على الأرصفة ، هي العبقريةُ تستنجد بأصحابِها التائهين بحثا عن كسراتِ خبز يقتاتُ بها أطفالهم، تتعفّن الرؤوسُ لتصبحَ وجباتٍ دسمةٍ للقوارض. أمسكُ أمنيتي بقبضةِ يد فولاذيَّةٍ ترسم علامة النَّصرِ، أخافُ أن تضيقَ عليها المساحة فتخرج سكرى من بين فتحاتِ الأصابع، لذا سأشدُّ الوثاقَ بل سألحمُ ما تكسّرَ في قبضتي فالسّلام آت والوعدُ حقّ، يا سلامًا مؤجَّلا معجونٌ ترقبُكَ بدموعِ الثكالى، يا سلاما مؤجَّلًا مسترسلٌ أنتَ في غروبِكَ فأرِنا بصيصَ أملٍ من ثقوبِ نايِكَ الحزينِ لعلَّ الأنينَ يتحوَّلُ إلى بهجةٍ، الناي على يقين من أنك لن تبقى مسدِلًا ستائرَكَ عن أنوارِ فجرِ الفرحِ المنتظرِ، اللمعةُ البارقةُ بين أوداجِه الثّقوبِ تشهدُ على ذلك، وكأنّي ألمحُ تباشيرَ أنوارٍ تلوحُ من بعيدٍ بعيدٍ! ها هي على مرمى حجرٍ منكَ بنودٌ صككْتَها فكيف السَّبيلُ إلى تطبيقِها في عالمٍ تحكمُهُ طغماتُ الرأسماليينَ الجشعينَ، أرى لعابَ الجشعِ المتلاعبِ بمصائرِ العبادِ يتقاطرُ ويفيضُ يغطّي صفحةَ الأرضِ برسالتِهِ المهدِّدةِ القائلةِ بوقاحةٍ أنَّ لاَ سلامَ سيعمُّ ونحن أسيادُ الأرضِ وأن ديدننا سيبقى السائد وأن غايته جني الأرباح بشتى الوسائل الرخيصة، يا لوضاعة الكبار الصغار!
تعال يا سلامُ ولنصرخْ معًا بأنَّ فجرَكَ آتٍ، هو ذا الأسرُ حرَّر ذاتَه بملعقةٍ! هو ذا البؤس مزق جيوشا معربدة! هو ذا الحقُّ استلَّتْهُ أيادي الشرفاءِ من صخرٍ! فاندحري يا أسطورةَ السُّلطة والسِّيادة، السَّلامُ آتٍ لينتصرَ على الحروب، هو آتٍ بلا ريبٍ وإنْ بعدَ حين.