الرّيحُ تدمّرُ تقتلعُ السّكونَ من الجذورِ، الزّجاجُ المتساقطُ كأنّه علامةُ موتٍ تنبئُ بكارثةٍ مزلزلةٍ فها هو الأزيزُ المتقطّعُ يشقُّ أثلامًا في الرّوحِ، كفّي يا تمتماتُ عن بثّ تعاويذِ النّجاة ،أَلمْ تدركي بعدُ أنَّ الهوسَ اكتسحَ تنهداتِ الصّبايا؟ صبايا من وحي خيالي ألمحُهنّ في ملابسهِن الشّفافةِ وهنّ يتراقصنَ على أنغامٍ ساحرةٍ يترنّمنَ بها بشفاهٍ نديّةٍ في ارتجالٍ، وقْعُ خلاخيلِهن يدهشني، صبايا من صنع خيالي يرقصنَ بلياقةٍ، هو ما لا يستطيعُه جسدي الذي تآكلتْه الأسقامُ ومباضعُ القدرِ، أقتربُ من فتحةِ البابِ أكثرَ، فضوليتي تشتدُّ مع الأصواتِ، رغبتي العارمةُ بمشاهدة رقصاتِ هؤلاء الغجريّاتِ أقوى من التّستّر بعالمٍ مثاليٍّ أخرقَ. ها أنذا أخترعُ عالمًا ضاجّا بالأحلامِ، ربّما هي صحوةُ الموتِ توقظُ في الجسدِ نشوةً غريبةً تلتمعُ الذّكرياتُ المتبقّيةُ في حصالتي لأيامِ العَوَزِ المعنويِّ، سأنهضُ من كبوتي سأزنِّرُ الخصرَ وإن بشالٍ متيبس فالزّمنُ الذي جفّفهُ سيعيدُ إليهِ نداوتَه من تعرُّقي، ها هما قدمايَ تتحرَّكان بعد صدإٍ، الأرضُ تهتزُّ لثقلِ الجسدِ. أنتَ أيُّها اللّيل أينَ الصّناجاتُ أين الآلاتُ الموسيقيَّة، لا عليكَ يا ليلُ سأوقظُ تراتيلَ خبّأتُها في صدري سأعزفُ لحنَ حبٍّ وأدتْه الحقيقةُ الصّارخةُ، وأنتِ يا بقايا مشاعرَ مترهّلةٍ اقتصّتْ مِنَ الجسدِ الأنوثةَ أهديكِ أغنيتي بصوتي الأجشِّ ورقصتي الأنيقةِ المعطّرة بمسكِ قبلاتٍ لم تنضجْ فهي لم ترَ النّور ولا الهواءَ قبلاتٌ تختمرُ في المتاهات أسكرتْني، يا قدمايَ أين ضاعتِ اللُّيونةُ ولِمَ انكفأتِ الأنغامُ وحيدةً تشعلُ الغرفةَ بنحيبٍ سقيمٍ؟