عَتمة الطريق / بقلم: ذ. سعيد محتال / المغرب


أصبح يتسلّل بين الأزقة
خائفاً يترقّب
مرّت السّنون
والقلبُ ما زال يتوهّج
كلما لاح بصرُه إلى الأعلى
وجد الرّعد يُطارده كالشّبح
يحجُب عنه رؤيةَ المكان
لاحَ الفجرُ
النّجمة البعيدة تَدثّرت
تجوبُ دروبَ النّهار
لا دليل له سوى شُعاعها الوهّاج
كأنّه توأمُها التائهُ في أرضِ البلاء
كُلّما رفع رأسَه
تستّرتْ خَجلا من الحياء
نهايةُ الشارع بوابةٌ موصَدة
عليها عُيونٌ توجس منها خيفة
ما سِرّ هذا الظلام
ريحُه ريحُ إرم
تعبٌ هو السيّر
جلس كعادته
يترقّب بُزوغَ فجْر
ونورَ سَماء
كناسِكٍ يقتاتُ من فُتاتِ الحمام
المبلّل بماءِ الغَمام
المنتَشِر بين رُفات الضّياع
تمرّ الأعوام
وتمرّ الشمس مِن غير استئذان
كلّ ما رآه وسمعه خريرَ مياه
الآتية مِن زمنِ الجِياع
آخذة معها أريج الأزهار
فيُخيّم الصمتُ من جديد
يترصّد خلْف الشّباك
ينتظر قدومَ رفيق
الممراتُ تمزقتْ بأصواتِ الريح
لا دليل ولا صَديق
كيف يحْيا وحيداً
ويموت وحيدا
من تركه يرحَل وحيدا
بلا زادٍ ولا أنيس
يخفّف عنه وجعَ الطريق
أو ماءٍ رقراق
يعيدُ الحياة لوجوهٍ جامدةٍ
بين الممرات
كم مرتْ من أعوام
على الرّقود النيام
راحتِ العيونُ
تبحث عن مصْدر النور
كأن الصّبح لم يُشرق منذ أيّام
ألهمتْه نفسه الغوصَ في الأعماق
الروحُ دفينة
بين الأضْلع والقسمات
يعانق عِشقَه للظلام
الهارب من ذُلّ الأيام
ينيرُ عتمتَها نور
متدفّق عبر مجاري النّسيان.

من ديوان “همسات قلب حائر

ذ. سعيد محتال / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *