عن المطر أحدثكم.. / بقلم: ذ. مجد الدين سعودي / المغرب


استهلال
وجاء في باب المطر: في العشق غوايات وآهات، ومع واسيني الأعرج نردد: المطر يغري بكل الغوايات. وفي العشق مطر بطعم البهاء، ولهذا ينزل المطر بطعم العشق والعشق بطعم المطر الى الأرض ليسقي القلوب العاشقة ايمانا بالمثل الفنلندي: لا يبقى المطر في السماء.
قالت بهية: أعشق بهاءك
قلت: وأنا أعشق مطرك.
أجابت بهية: في السحاب مطر.
قلت مرددا المثل الفيتنامي: لا مطر بدون سحاب.
أجابت بهية: ولا سحاب بدون مطر.

1- وطن
هناك في الوطن مطر منسي…
أدار ظهره لنا..
رحل الى دنيا الله المطيرة…
قالت بهية: الوطن مطر والمطر وطن.
اعترف محمود درويش: وطني حقيبة وحقيبتي وطن الغجر شعب يخيم في الأغاني والدخان شعب يفتش عن مكان بين الشظايا والمطر.
لكن مطر مظفر النواب مطر متفائل رغم لوحات الخيبة المحيطة بالوطن، فينشد المظفر النواب:

أنا لا أمللك بيتا أنزع فيه تعبي
لكني كالبرق أبشِّر بالأرض
وأبشِّر أن الأمطار ستأتي
وستغسل من لوحتنا كل وجوه المهزومين
وستغسل من يبحث عن خيبته عن مبتغى
وستغسل بالمطر الدافئ جنح النورس
وبيوت أحبتنا…. والحرف الأول في لغتي
يا زهرة بيتي، يا وطني، أمطرني…

ويختار الشاعر الفرنسي بول ايلوار، أحد مؤسسي الحركة السوريالية، مطره بطعم الحرية وحريته بطعم المطر:

على زبد الغيوم
على رشح العاصفة
على المطر الغزير
على المطر الخفيف
أكتب اسمك.
اسميك: حرية
ونحن نهتف: نسميك بهية.

2- انبعاث
في المطر ولادة..
في المطر روح بهية وفي بهية روح المطر..
فلا مطر بدون بهية ولا بهية بدون مطر.

وأنشد أحمد شوقي مطر عشقه بصوت بهي:

ورائحة الشوق عند اللقاء..
كرائحة الأرض بعد المطر،
لأن حياة الثرى بعض ماء..
وتحيا القلوب ببعض البشر.

وها هو جلال الدين الرومي بمطره الصوفي يبعث في قلوبنا البهية الأمل، فيقول: لا تحزن فالله يرسل الأمل في أكثر اللحظات يأسا، فإن المطر الكثير لا يأتي إلا من الغيوم الأكثر ظلمة.
والمهاتما غاندي المتيم ببهية، فيقول بحكمة الفقر والمطر معا: ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر أجمل بداية. ولهذا جاء المثل الافريقي مفعما بالحكمة والمطر: إذا لم يسمع الأصم صوت الرعد فإنه سيرى حبات المطر.

3- مطر بطعم التشظي
يغيب المطر فتتعمد بهية نسياننا ولسان حالها يردد المثل الياباني: عندما يتوقف المطر ننسى المظلة.
في محراب المطر تعترف أحلام مستغانمي: لا جدوى من الاحتماء بمظلة الكلمات، فالصمت أمام المطر أجمل..
وبكل حزن وهيام يتساءل بابلو نيرودا: هل من أمر أشد حزناً من قطار يقف تحت المطر؟

خاتمة
هتفت بهية العزيزة: أعشق بهيتك.
قلت بلسان جلال الدين الرومي: ﻻ تشرق الروح إﻻ من دجى المر.. هل تزهر الأرض إﻻ إن بكى المطر؟!
قالت بهية العزيزة:
نحيا بالمطر…
نحب بهيتك الممطرة بهاء…
وكل مطر وبهية بألف فكر…

ذ. مجد الدين سعودي / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *