من ليبيا الشقيقة نتوقف مع حالة الإبداع الفني و جمال الأدب من خلال نهر الشعر المتشعب من منابعه ومصافيه اتصل إلى روافد الحداثة قصيدة الشعر الحر والنثر والخاطرة والومضة في تجليات تكشف من وجل الروح مع حركة تطور الحياة هكذا…
ولنصغ الى مشاركات المرأة الليبية في فاعلية أرض الواقع عملا وابداعات فقد برزت وتصدرت ساحات الأدب من شعر ورواية في الفترة الأخيرة فظهرت عشرات من رائدات هذا الفن، بجانب دورها في التعليم والصحة والإعلام والثقافة والعمل الاجتماعي…
وفي هذه التغريدة نسلط الضوء على الأستاذة/ أمنة محمد علي الأوجلي، نحو دورها الإبداعي في التعبير والتصوير الفني بكافة خصائصه، حيث أنها صاحبة ثقافة عربية أضف إلى تخصصها في اللغة الإنجليزية والذي فتح لها الإطلاع على ثقافات الآخر في تلاق يبدو في تعامله مع النصوص بكافة الظلال في حوار راق…
نشأتها…
ولدت الشاعرة والكاتبة الليبية أمنة محمد علي الأوجلي في عام 1960م ببنغازي. حاصلة على ليسانس أداب لغة انجليزية من جامعة قاريونس عام 1984م. عملت كمعلمة بالمدارس الثانوية ومفتشة تربوية بمكتب التفتيش التربوي بنغازي عام 2006، كموجهة على المدارس الثانوية. كما ساهمت في تدريب طالبات كلية اعداد المعلمين، التابعة لجامعة قاريونس لعدة سنوات. وتم تكليفها بوضع إمتحان الثانوية العامة.
مشوارها مع الإبداع…
صدر لها ديوان شعر بعنوان “ناسكة” في يناير 2020 عن مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع وعرض بمعرض القاهرة للكتاب في 29 يناير 2020م. ولها ديوان آخر قيد الطبع بعنوان (مازلتُ أريدكَ بعمري..) ومشوارها مع الإبداع الأدبي ممتد ومتنوع تساهم فيه بالمشاركات والفعاليات والمهرجانات المختلفة في الداخل والخارج. تكتب الشعر الحر وقصيدة النثر.. ولها مشاركات كثيرة في الصحف والمجلات.
مختارات من شعرها…
تقول شاعرتنا أمنة محمد علي الأوجلي في قصيدة بعنوان (لا شيء بي) حيث تضمد ما بها من جراحات وانكسارات وتسترجع من جديد صورة الحنين بكل المعطيات ترسم بالكلمات الخامسة ما بها من أشواق وتتوسد بين الضلوع في أمان تنشد الجلال والكبرياء عند جزر البنفسج فيبرأ ما بها من وجع وأسقام:
“لا شيء بي
جرح يطيب
وينطفي…
ذاك الحنين بات دمعا
وندى الأشواق.
في ترانيم صوتك
ضاعت في صفير
الريح وتوسد
البرد وريدي
وأضلعي…
لا شيء بي..
غيمي تصحر
وغصت مدامع
صبوتي.. أهذي بدربك
وما أتيت..
وهسيس أنفاسك.
ها هنا يشعلني.
لا شيء بي.
وتنزف أيامي الشقاء
من ذا بصبحي ينجلي
من ذا ينثرني سوسنا
يأخذني الى جزر البنفسج
ويلثم بالمنى يباب امسي
وغدي
يا عيد عمري
وأنيق عطري
يقتاتني وجع الرحيل
وأعاند قدر شقي
لا شيء بي.”
وتقول في قصيدة أخرى بعنوان “أمي” ترسم فيها لوحة الحنان مطرزة بمعاني الفرح وشذى الزهور، وومضات النور مع شدو الطيور، ولمَ لا فالأم هى أصل الوجود، وهى وجه المطر والندى المبلل بالحسن مع حركة الحياة في تلاق تنطق الحكمة.. جينات الروح فتصبغ بألوانها المتعددة لوحاته في عبقرية متسامية نحو الخيال الخصب الموشح بالخير في أنفاس تؤمن بدور العطاء في نقاء:
“قصيدة من ياسمين
بساتين لوز
وقوارب فرح
في كل اتجاه
ترانيم تشدو
بجينات الروح
تغرس جنانا خضراء
في نزغ الاوردة
يا همس الفجر الحاني
على قيد زعفرانك
وهديل ريحانك
واوركيدا لثمك
وصدر اقحوانك
نرشف الندى
نوغل في نورك إلى
ما يشاء حطبك
المخضوضر
بالتهاويد والتواشيح
ملء لا يبلى انت
يا وجه المطر
يسابق زحف السنوات
يا أبهى الازاهير
حب ونرجس
وقبلة سلام
بأمان الدُنا
أنت.”
وتقول في قصيدة تحت عنوان (يا رحيق الروح) حيث تصور فيها انطلاقات الروح في فضاءات تشرق من غياهب الوجد تتلاحم مع الكون في لحظات الصفاء كالصوفي المعذب نحو النور بعدما تهدأ صولاته وجولاته فينشد الخير والجمال تراتيل في محرابه في تأملات:
“يارحيق الروح.. قف.
عبثا تراتيلي
وعمري يرتجف
صلبت على دروب الرحيل
صبابتي أذوي
على رجع الوله…
وهذا.. ليلي.. قد تلف..
تقتاتني مدن الرحيل
وصوتك لا رجاء..
ويعيث بأضلعي
قيظ الأنين
يلوك أيامي
وأي نزف
متى تصفد أبواب الرحيل
متى لا متى وجعي صدى
وصوتك المقروح عشقا
أنفاسه على سفوح
دمي
تظمأني ولا تكف
تظمأني ولا تكف”
ونختم للشاعرة الليبية آمنة محمد علي الاوجلي بهذه الرائعة “مازلت أريدك بعمري” حيث تسافر مع جمال الطبيعة بمفرداتها و تعبيراتها الفنية في تصوير متداخل و متراكب يضفي على وجه القصيد رونقا من وحي والهام البيئة البكر في معية العشق فتحلق بنا كالطائر المغرب تنشد الخير بعد رحلة الشقاء بين ذكريات العمر الذي يختصر لحظات الميلاد برغم الصراعات وحالة الأحزان المسيطرة على المشهد، تحلم بوادي أخضر لا يعرف متاهات الذبول فتغني أهازيج السحر:
“أردتك في عمري
في أرض شقائي
ونبعة يبابي
في جور البرد
ونحيب الوله
سباك ليلي الأبق
وأترعت بك
جرحا راعفا
لم ترتقه الأيام
تعرج شبه ابتسامتك
على قيد ولهي
اما اشفقت علي من المي
رمال صحرائي تجتر
وقع ديمة وكل مساماتي
محملة بك
يا كرز شفتي وليمون اياري
وهدهدة أجفاني
بأرض المنى
على هدي أنفاسك أركض
بسفع رحيقك
يرهقني
ينهكني
كيف اكسر الكلس
عن شرايينك افك ازرار
كونك بانكسارتي باشجاني بعبق
احزاني
شجرة صنوبر تعشق عناق الثلج
مرجا بالقلب
نجما
يزهر شجر خريفي
المتقد
لوزا
وجلنارا
يلملم رموشا ذواها
مقلاع رياحك
لم يعد ثمة احد
مازلت أريدك بعمري”
كانت هذه قراءة في حصاد الشعر الليبي الحديث حيث الحداثة التي تستوعب تجربة الحياة بكافة ظلالها في عالم الشاعرة الليبية/ أمنة محمد علي الأوجلي، والتي تؤمن بالكلمة الشاعرة في تغيير حياة الشعوب دائما.