مشبعةٌ صيحاتُ الغروبِ بألوانِ النِّداءِ تتزاحمُ بعشوائيَّةٍ في تخضيبِ الغيومِ.كمْ هي مبهرةٌ في تراصِّها وتراصُفِها وتدرجاتِها!
تقطعينَ عليَّ يا فراشةُ وحدَتي؟ هل أتيتِ لمواساتي؟ تلكَ النّافذةُ تشرِّعُ لي قلبَها كما شرَّعْتِ أنتِ لي جناحيْكِ كي أندسَّ بينَهما لأعبرَ من منفايَ إلى أوديةِ الظِّلالِ، لأصلَ إلى حيثُ حطامِ الذِّكريات ينصبُ لي أطلالَهُ مرورًا بحروبٍ تركتْ ثقوبًا على تماثيلِ الشّهداءِ، إلى الجدريِّ الذي لم يُصِبِ الجلدَ في بلادي بقدرِ ما أصابَ مبانيها، إلى أسئلةٍ عالقةٍ.. أبي لماذا كلَّما سمعتُ صوتَ دويِّ قذيفةٍ تتشنَّجُ قدماي؟ أحلمُ بأنْ أستيقظَ على شروقٍ غيرِ مألوفٍ تنبجسُ شمسُه في إشعاعاتِ أضواءٍ، أحلمُ بأنْ اكتملَ مع توأمٍ مختلفٍ ربَّما أجدُهُ في تلكَ الفراشةِ التي حطَّتِ الآنَ على كفّي أتساءلُ في تعجُّبٍ: هل كلُّ هذا الإحساسِ بالجمالِ مصدرُهُ فراشةٌ؟! شعورٌ بنسمةٍ باردةٍ على الجبينِ يكفيني حتّى أقرأَ من خلالِهِ دواوينَ ألوفِ الشُّعراءِ في رفيفٍ يشعُّ بهما بريقُ جناحينِ .
الفراشةُ التي سكنتْ باطنَ كفّي والتي ملَّت سحرَ السَّماءِ والخمائلِ
اختارتِ النَّومَ ها هنا،يا للانتشاءِ!
كأنَّما بِها اتَّحدْتُ وكأنَّما يدي انفصلَتْ عنْ الجسدِ لتطيرَ مع فراشةٍ مذهّبةٍ لِتَطيرا معًا في السَّمواتِ البعيدةِ.