ضمن سلسلة حوارات افتراضية استضفتُ فيها على التوالي كلّ من: جبران خليل جبران، و محمود درويش، و نيتشه، و شكسبير، و كونديرا، و كافكا، و محي الدين بن عربي، و دوستويفسكي، و ميكيافيلي، و الطغرائي، و محمد أركون،
أحاوِرُ اليوم “سامويل لانغهورن” المعروف باسمه القلمي “مارك توين” صاحب الكتاب الشهير “مغامرات توم سويِر” (The adventures of Tom Sawyer):
قلتُ له:
ـقرأتُ سيدي كتابك “مغامرات توم سويِر” منذ نعومة أظافري، و كبُر الطفل الذي يسكنني و معه ذكرياتي مع روايتك التي روّجت لها السينما “الهوليودية” عبر”أفلام الكارطون”؛ لم أكن أعلم حينها أن قلمك ساخر ينتقد “الحلم الأمريكي” (فردوس الإلدورادو)… كثيرا ما خطر ببالي، و أنا شارد الفكر، انّ القدر “جغرافيّ” بامتياز؛ فمَن وُلِدَ في أمريكا، ليس كقرينه في إفريقيا، أمْ أن “الحلم الأمريكي” مجرد أكذوبة؟
أجابني “مارك توين” بأسلوبه الساخر:
ـالكذبة تسافر حول نصف الكرة الأرضية قبل أن ترتدي الحقيقة حذاءها…!
سألته:
ـربما، لكن ألا تعتقد أن أمريكا (الولايات المتحدة) ب “قوتها” و “عظمتها” و “جبروتها” تعتبر “النموذج المثالي” بالنسبة للشعوب المقهورة عبر ربوع العالم في الديموقراطية و الحرية؟
أجابني بسخريته المعهودة:
ـ لقد مَنّ الله علينا بثلاث في هذا البلد؛ حرية التعبير، و حرية التفكير… و المقدرة على عدم تطبيق أيّ منهما…!
قلت له:
ـيحزّ في نفسي أن أكون مجرد ظل عابر في هذه الحياة… لابد أن يكون لوجودي حكمة؛ فمن لا دور له، يُستحسَنُ أنْ يندثر… رغم أن هناك مِنَ البشر مَنْ يضحكون على ذقوننا و لا يخجلون…
أجابني بحكمة أخرى:
ـالحياة ليست مَدينة لك بشيء، فهي موجودة قبلك!… الإنسان (يا صديقي) هو الحيوان الوحيد الذي يحتاج للشعور بالخجل؛ لأنه الوحيد الذي يفعل ما يُخجِل…!
سألته:
آخر سؤال صديقي “مارك توين” (أو إن شئت أسميك باسمك الحقيقي) “سامويل لانغهورن”:
ـالكثير من الفلاسفة وأهل العلم يؤمنون بالانسان و بقدرته على تغيير هذا الكون لتعمّ الرفاهية و السعادة… فما قولك؟
ضحك صديقي “مارك” ملء شدقيه و أجاب بسخرية أكثر جرأة لا يستسيغها “رجال الدين”:
ـخلق الله الإنسان لأن القِرْد خيّبَ ظنه… و لكنه أوقف كلّ تجاربه بعد ذلك…!!!
د. خالد بوزيان موساوي / المغرب
