يسبّح الطّير مشرقا ومغربا، يتهادى الضّوء بين فلول الغابة ينفض من واجهة الصّنوبر هذا الضّباب، الذّي يلّف كغطاء مخمليّ النعومة حسناء الغابة صاحبة الدّونتال الرماديّ البياض والغامض الشفافيّة وهي تقضي ليلتها على السّفوح، تربت على خدود براعمها لترى عبر أديم الندّى نور الفجر الأوّل، لم يكن ذاك الطّيف الذّي يشقّ الطريق بسيارته الفارهة، بلاعدسة، بل أدمن الصّباح هنا، هذا الصباح المقدود من عطر الصّنوبر، ولسعة برد تعيد بعث حرارة دم عجيبة في عروقه، تمسح على بياض شعره، وتسمعه صدى طفولته ممزوجة بشقاء المغامرات ، الكلّ أغرته العاصمة، وهو وحده من نال رضاء الغابة، باركت إقامته بها، وظلّت تمنحه جرعات من أريجها كلّما همّت الحياة بخنقه، الكلّ يستقر لأجل العمل، هو وحده جعل كلّ الارض سباحة والجبل هو المقرّ!!!