عاد الربيع / بقلم: ذ. نور الدين العسري / المغرب


عاد الربيع واخضرّت عيناكِ
ولولا عيناك لما عاد
استعصى على البيانِ وصفهُما
وجفّ الحِبرُ من دمعٍ كان فيه مدادا.
فيهما الأَهدابُ ظلالُ نخْلٍ مائلةٌ
هذّبها الليلُ فاشتدّتْ سوادا.
فيهما النّظراتُ سيوفٌ باترةٌ
فتكتْ بالصّدرِ، والقلبُ صارَ لها غِمادا.
حرابٌ سُقيتْ بسُمٍّ فهي قاتلةٌ
بالصّديد إذا المرء نَجا،
أوِ ابتغى ارتدادا.
ويلٌ لمن رآكِ يا ملهمتي
مثلي إليهِ مبصرة
منْ قبسِ نارٍ صرتُ لها قبلَهُ زِنادا
تراه يهيمُ في دجى صحراء حالكةٍ
هدّت من قبله بالورى أعدادا.
كلما ارتأى له السّراب في أفق،
وظنّ به نزْلاً، زادَ مِنهُ ابتعادا.
تراه يلهثُ هاربا في ذعرٍ
من موت زؤام، دسّه له الغيبُ عِنادا.
زورق تاه مثلي في بحور مظلمة
فحطّمه الموج وكان له مكادا
رمى به إلى أرض نائية
دفنته في شطّها الرمال
وحطّت عليهِ أكوادا.
أنا الغريق يبكي اليومَ على ورطتِه،
بالخشاشِ تشبثَ وبالنقذِ نادى،
يردّ الصدى على صرْخته:

-(يا باسطا ذراعيكَ! عدتَ مُنْقلبا،
فذق، إذن، طُعم زقْم ظننتَه من قبل
شهْدا ومَسادا.
لا يُبْحر في عينيها يا صاح
سوى ذو تجربة
في الإبحار،
ومن على الموجِ عَلا وساد.)
اكتوى القلبُ يا ربي بحبها
وشَبّت النيران به
وصار هشيما ورمادا
تذروه الرياح إلى شرّ منزلةٍ
وتنثره على الثرى حُساسا و سمادا.
سبحان من سواها فاتنة
من نطفة ثم جذع به نقمة ومُرادا
سبحان من بلغ في أمر الجمال
المطلقَ
والكلّ
والسدادا……

ذ. نور الدين العسري / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *