بعد سلسلة حوارات إفتراضية استضفتُ فيها على التوالي كلّ من: جبران خليل جبران، و محمود درويش، و نيتشه، و شكسبير، و كونديرا، و كافكا، و دوستويفسكي،
أحاوِرُ اليوم “ميكيافيلي” صاحب الكتاب الشهير “الأمير”.
قلتُ له:
ـ قرأتُ لك سيدي كتابك “الأمير” منذ طفولتي، و كلما قرأته من جديد في محطات مختلفة من حياتي، أرى العالم من حولي و كأنّ التاريخ يعيد نفسه، و كأنني أعيد ما كتبه “كافكا”: “الحياة حرب، حربٌ مع نفسك، حرب مع ظروفك، وحرب مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف.”
أجابني ميكيافيلي:
ـ حتى تدرك الأمور مثلي عليكَ أن تصاحب “العظماء”… و أضاف: مثلكّ كنتُ أفعل… “عندما يحل المساء أعود إلى البيت، وأدخل إلى المكتبة، بعد أن أنزع عني ملابسي الريفية التي غطتها الوحول والأوساخ، ثم أرتدي ملابس البلاط والتشريعات، وأبدو في صورة أنيقة، أدخل إلى المكتبة لأكون في صحبة هؤلاء الرجال الذين يملأون كتبها، فيقابلونني بالترحاب وأتغذى بذلك الطعام الذي هو لي وحدي، حيث لا أتردد بمخاطبتهم وتوجيه الأسئلة لهم عن دوافع أعمالهم، فيتلطفون علي بالإجابة.”
سألته:
ـ و ما الفائدة من الكُتب و الأفكار لتغيير واقع جاحد، و كئيب، و غادر؟ !!!
أجابني بسخرية غير معهودة:
قالت لي إحداهن:
ـ “لا أريدُ أن أقفَ مكتوفةً أمام كلّ هذا العَبث الموجُود في العَالم..”
سألتُها:
ـ حسنا ما الذّي ستَفعلينهُ؟
أجابت:
ـ “سأَجلس .”
و لمّا لاحظ استغرابي لجوابه، استدرك قائلا:
ـ الناس يحكمون على ما يرونه بأعينهم، و ليس على ما يدركونه، فكلّنا نستطيع الرؤية لكن قلة قليلة منا تستطيع أن تدرك واقع الحال الذي أنت عليه.
سألته:
ـ يبدو أنك رغم باعك في الفكر و السياسة، لا تميل كثيرا في كتاباتك للخيال كما أهل “الرومانس” الذين خلقوا لأنفسهم عوالم موازية يهربون إليها بأشعارهم حتى لا يختنقوا…
أجابني:
ـ من الأفضل لي أن أقول الحق دون أن أحوم حول الخيال لأن طريقة عيشنا تختلف كثيرا عن الطريقة التي يجب أن نعيشها…
قلتُ له:
ـ من خلال كتاباتي، أحاول أن أنشر ديانة اسمها “الحبّ”… و لا حبّ في كتاباتك، و أنتَ صاحب القولة المشهورة “الغاية تبرر الوسيلة.”
أجابني:
ـ من الأكثر أمانا أن يخافك الناس على أن يحبوك… (و استطرد يقول) و ليس هناك طريقة أخرى أمام المرء يقي بها نفسه شر التملّق، سوى أن يدع الناس يدركون أنه يحب أن يسمع منهم الحقيقة، لكنك تفقد احترامهم لك، لو سمحتَ لكل منهم أن يخبرك الحقيقة…
و سألته:
ـ و الحبّ؟ الحبّ!!!… ما رأيك في الحبّ؟
أجابني (و قد فهم قصدي):
لأن الهمّ والحُب لا يتعايشان، كان علينا أن نختار، و اختيار الحب هو الأفضل… و لأن حزن النساء عميق وجرحهن غائر، فالرجل الذي أسعد امرأة كانت حزينة فعل شيئاً عظيماً، كأنما قتل كل الحزن في هذا العالم.