فوق الأريكة القطنيّة، الزهريّة اللّون، تضع ساقها بعناية على الأخرى، تفتح هاتفها، تطلب من مضيّفتها أن تستمع معها لاغنية “تراندي”، كان مطلعها “وأخيرا قالها..” ثمّ قطعتها لتسمعها مقطوعة للموسيقار “ياني”.. للحظة تظاهرت بالإعجاب الذّي قطعه، نهوضها مسرعة تتعثّر بالسّجاد، ترتبك أقدامها وهي تحشرها في الخفّ، كبائع البضاعة المهربة حين يصله اشعار زملائه بكبسة الشرطة البلديّة؛ في اتجاه المطبخ، حيث عقدت غفلتها تحالفا مع النار والقدر، فاحتراق الطّبخة وشيكا، لولا الماء المنقذ، من عناء فكرة اخرى لما سأطبخ اليوم؟!، بهدوء عادت لقاعة الجلوس، لتلتقي بالسؤال غير المتوّقع
-صديقتي ماهي موسيقاك المفضّلة؟!
-كان جوابها: كم يزعجني عزف طنجرة الضغط والواجبات المتكدسّة على عاتق يومي الضئيل الإتّساع !
ضحكت الضّيفة مردفة: رجاء، ممكن أعرف!
التفتت إلى بهو شاسع،
وقالت لها: نعم، موسيقاي؛ هي ذاك الخليط بين “الراب” المفضّل لإبني و”فايا يونان” وما لا أذكر من أسماء
تستمع لهم إبنتي!
اندهشت الضيفة وعلى ثغرها ابتسامة شاسعة، تلم هاتفها لكفّها وتضغط بكفها الأخرى لتعيد ترتيب استفسار ٱخر، ثمّ أضافت بلطف دون أن تتمّكن من إخفاء دهشتها: “لا ترين مثلي انّ الخصوصيّة ضروريّة للفرد، ليجدّد كوامنه، ويعيش محلقا بين النجوم، فالحياة مقرفة لولا الموسيقى والحلم”؛ هي لا تعرف أنّ مضيّفتها إمراة تمسك بمراجيح معلّقة في عواميد الغيوم، تلك الأكثر ثباتا من رأس بين كتفين، تلك التّي تختفي فيها السماء الحبلى، المشّعة بالندى، وكلّ ارتواء يهطل على الأرض، هناك تخبئ كلّ أسرار عيون تتفتّح على الحياة أمامها وهي تغامر معها لترى اشعاعا ٱخر في سماوات خصوصيات سعت لأن تخلق في هذه الحياوات الأخرى!!!