یا شِعرُ.. / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


یا شعرُ هل تَدري بِعشقي یا تُرَی؟
و بأنّ نَسْغَکَ في شِغافِي
قد سَرَی؟

هَلَّت قوافِیکَ الشَّذِیّةُ
تَنثرُ الأشعارَ
بَدرًا في دُرُوبِي مُقمِرَا

صُوَرًا کما أعذاقُ نَخلٍ مثمرٍ
سُبحانَ ربُّ الكونِ
في ما قد بَرَی

مِن أينَ تأتیکَ المجازاتُ اللَّذِيذَةُ
کالنبیذِ مُعطّرًا
و مُقَطَّرا؟

هل قد سَرقْتَ الشَهدَ من ثَغرِ الخُزامی
والنشیدَ من الهزارِ
و ما دَرَی؟

في رَفّةِ الفَجرِ النّدِيِّ تَرُودُني
تَحبُو دَمِي
شَهدًا شهیًّا کوثرَا

في هَدأةِ اللّیلِ المُسَرْبَلِ بالهَوی
تأتِي و تَسقِیني
وِصَالا مُسْکِرَا

في الصّحوِ..في النّجوی
وفي الأحلامِ ..في الأرقِ اللّذیذِ
و في حُبَیْبَاتِ الکرَی

تجتاحُني و تُراوِد النّبضَ المُعَنَّی
بالصَقیعِ فینتَشي
مُتَدَثِّرا

هَذي القوافِي أترَعتْ کأسِي
فمجَّدَها یَرَاعي
و الصَّدَی ما أنْکَرَا…

خبّأْتُها في بُٶبُٶِ الأحْدَاقِ..
کحَّلتُ الرُّمُوشَ و صُنتُها أنْ تُٶْسَرَا

لا لا تَقُلْ إنّي أبالِغُ..
بل شِغافِي کان دومًا
في هواکَ مُقَصِّرا

قد کُنتُ یومًا في بَراري العُقمِ
تَجفُونِي القوافِي
والیَراعُ تَصَحَّرَا

مُنذُ التَقیتُ قصاٸدَ الحُبِّ الجَميلِ
تَسَربلَتْ رُوحِي
غرامًا مُزهِرا

و تَحوّلَ النّبضُ العلیلُ حماٸمًا
و غماٸمًا
وخمیلَ زهرٍ مُثمِرَا

حَطّمتُ شَرنَقتي
وخُضت غِمارَ بَحرِکَ أبتغي
دُرًّا..نُضارًا.. جَوهرَا

مِن وَحي عِشقکَ أنْسِجُ الأنوارَ
نَسجًا مُحبَکا
بأنَامِلي قَد سُطِّرا

فإذا القَصیدةُ في یَدي
تشدُو.. تمیسُ و تنْثنِي
حُسنًا شفیفًا أحوَرَا

مَسبُوکةً
مصقُولةً من لُٶلُٶٍ
مَنحُوتةً تمثالَ عاجٍ..مَرْمَرَا

لا تَبتٸِسْ یا شِعرُ
إن کان الجَمَالُ بنبضِنا
و بِضادِنا قد أدبَرَا

لا تَبتٸِسْ
لا لن ترَی جسدَ القصِيدَةِ في الرُّغامِ.
مُبعْثرًا و مُعفَّرَا

لا تَبتَٸِسْ
لَا لنْ یعودَ العُقمُ و الزّمَنُ الجدیبُ
و لن أعُودَ القهْقری

سَأکونُ في فَيْءِ القوافي صَرخةً
تَدوِي و رَعدًا
في الدُّروبِ مُزمْجِرَا

قد جِٸتُ أحمِلُ نبْضَتي
و یَراعتِي و أمُدُّ کفًّا
للجَمالِ مُعَطّرَا

أتأبّطُ الحَرفَ الشّفیفَ و أقتَفِي
نَهجَ التَّمَرُّدِ و الهَوَی
کالشَّنْفَرَی

صُعلُوکَ نُبْلٍ
بالمَحبّةِ یَحتَفِي
و یبیعُ عِشقا و انتِشاءً للوَرَی


یا شاعرًا
یَشْتَقُّ فِتنةَ حَرفِه
مِنْ بُهرةِ الأنوارِ في نَجمٍ السُّرَی

ما أینَقَ الکَلِمَ الجمیلَ
یَسیلُ منْ کفّیْکَ شهدًا عابقًا
یَسقِي الثَّرَی

عَلّم حُروفي
کیفَ تجْتازُ الفَیَافِي الظامٸاتِ
و تَرْتقي فوق الذُّرَی

حتّی تُلاقِي حَرفکَ الزّاهي
و تَھتِفُ عالیًا في لهفةٍ:
هل یا تُری؟

یومًا سأقدِرُ أن أصُوغَ الکونَ ألحَانًا
و فِي غَمرِ الشّذا
أن أُبْحِرَا؟

خُذْني إلیکَ لَعلّني
أتَوَسّدُ المُزنَ النّدِيَّ من الغَماٸمِ
أخضَرَا

خُذنِي إلیکَ
فَنبْضَتِي مَثلومَةٌ
والحَرفُ یَکسُوني المَواجِعَ
مِٸزَرَا

خُذنِي إلیکَ
لَعَلّني.. تُضحِي القَصاٸِدُ صَبوَتِي
و الصّابُ فیها سُکّرّا

یا وَیْلَتِي.. یا وَیلَتِي
إن لَم أعُبَّ الشَّهدَ مِن
ثَغرِ القَوافِي مُسْکِرَا

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *