أكاد اجزم ان الشاعر يعيش فكرة…. ويرحل فكرة… لذلك هو في اعتقاد الناس انه من الفاشلين تماما… لكني هنا اتحدث عن الشاعر الذي لا يملك غير رهافة الطير… وظل الحائط… واوراق صفراء…. بيضاء…، وخيال يتجاوز هشاشة هذا الواقع الذي لايحتمل قصيدة صادقة لأنها توخزه في العمق… فيحترق ويحترق ….
هنا لا أعني بالشاعر ذلك الذي ينسج قصيدته وهو ينظر الينا من برجه العالي… فيكتب بلغة أنيقة تحترم كل قواعد اللغة… كل قواعد الشعر…. كل قواعد الكلمة… لكنه يغفل ان يعجن الكلمة برائحة الصدق… ورائحة العشق الجميل لعرق الكادحين… يا…. الشعر جنون …
الشاعر الذي يكتب فكرة هو ذلك الذي ينفلت من المؤسسات التي تسيج فكرته… هو يفكر من خارجها…. يرى العالم بمعزل عنها… هو لايجمع حوله الأتباع حتى لايستمد قوته وشاعريته منهم… هو خارج منطق الجماعة….. هولايجعل من سلطة معرفته بوابة لابهار الاخر… هو خارج دائرة التفكير المدجن… يفكر خارج مؤسسات القبيلة… والزاوية… والأسرة… وخارج منطق الكتبة… خارج مؤسسات التي تبيع الاحلام بالوهم… هو الشاعر الذي يجعل من قلبه مساحة عشق تسع العالم… كما أنها تشرده عن العالم فيعيش حلمه الذي يتجاوز ذاته… يكتب… عن الحب خارج دائرة الحب المتعارف عليه… حبه هو ذلك الاستثناء الجميل …
في زمن الاستثناء… عشقت عروة وطرفة بن العبد… ربما لانهم كانوا أكثر حداثة منا…. لان ابداعهما كان خارج دائرة السائد …
كما احببت ناس الغيوان تماما… وشعراء الحلقة …
يوم قرأت ميشيل فوكو …ادركت تماما معنى سلطة المعرفة كما أدركت تماما معنى المؤسسات التي تسيج أحلامنا بمنطقها الذي يجعلنا نكرر ما قاله الاخر …وما فكر فيه …كما ادركت ان هناك مسافة بين ان تكون انت …او ان تكون انت الاخر …
فكرت لاقول نحن ابناء الشعر …لكننا لم تنجب بعد ذلك الشاعر العالمي الذي يتكلم بلسان عربي…نحن ابناء المعلقات لكننا لا زلنا لم نصل بعد الى العالمية …ربما لأننا عشنا ومطمحنا الكبير هو الوصول لكتابة ما كانوا يكتبون وتلك مشكلتنا ….
…
كلمات على هامش فكرتي البيضاء……
نورالدين وكفى…. 1/12/2020…. الباقي اغنيات