رِهابِ الحَجْر / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


أنا هُنا فِي رِهابِ الحجْر و الوَجلِ
و اللّيلُ يمْضُغُني و الشّعرُ ينْشزُ لي

أتُوقُ أقْوَى على عُقمٍ بقافيتي
تِيهٍ بِبَوْصَلتي.. عَتْمٍ بمُعْتَقَلي

أرُومُ نفْحا من الأشعار يَمْهُرُني
بيْتا ظليلا بفَيْء النّور و الأملِ

لكنّني لا أرى في النّبْض بارقةً
إلاّ فُلولا من الأوْجاع و العِللِ

◇◇◇

قد كنْتُ أحْسَبُ أنّ الشّعرَ يحْمِلُني
إلى أقاصٍ بِهَامِ النّجْدِ و الجبلِ

و ها أنا في الثّرَى ولْهَى مُقيّدةٌ
محْجُورةُ الصّوتِ و الألْحان و الجُمَلِ

مكْلومةٌ و يراعي ريشةٌ ثُلِمَتْ
مغْلولةٌ و جناحي قُدَّ منْ قُبُلِ

مغمُورةٌ دَرْبُ أشعاري.. مُحنّطةٌ
أحلامُها في الثّرى.. مَوْصُودةٌ سُبُلي

مُباحةٌ… و مَراتِيجي مُحَطّمةٌ
قدْ فُلَّ عزْمي و أرْسَى في هُوَى الخَلَلِ

◇◇◇

غاضَتْ يَنابيعُ حُلْمي.. مَنْ يُفجِّرُها.؟
و يَسْكَبُ النّورَ و الأنْداءَ في قُلَلي؟

ماذا أقولُ لأوطانٍ بلا وطنٍ
بِيعَتْ بلا ثمنٍ… في سَاحة الخَطَلِ..

ماذا أقولُ لأطفالٍ بلا سَنَدٍ
ضاعتْ براءتُهم في لُجَّةِ الزّللِ

ماذا أقولُ و ماذا لا أقولُ أنا؟
قد أُلْجِمَ الحرفُ بالأوجاعِ و الخَجلِ..

و ضاقتْ الأرضُ بالأوْصابِ ما رَحبَتْ
و صُودِرتْ نخْوةُ الصّنديدٍ و البطلِ

و اسْتَفْحلَتْ موْجةُ الأوْجاع تجْرِفُني
تُلْقِي بعُمْري على شَطٍّ من الشّللِ

فمنْ يرُمُّ جروحٌا سالَ نازفُها
نهرًا من القيْحِ و الأعْتامِ في المُقلِ؟

◇◇◇

هذي حُروفي عِجافٌ۔۔۔مُحبَطٌ قلمي
و الشّعرُ مُخْتبِطٌ في حَمْأة الوَجَلِ

أهزُّ جذْعَ نخيلِ الشّعر… يَهْزأ بي
يلْقي عَلىَّ مُلاءاتٍ من الوَحَلِ

عُرْجونُ قافيتي عارٍ بلا رُطَبٍ
و العذقُ في نخْلتي عَارٍ من الحُلَلِ

یَمُجُّني الحبرُ و القرطاسُ في قَرفٍ
و في الیَراعِ صَديدُ العُقْمِ و الفَشلِ

و الأرضُ تصْرُخ ولْهَى لا تطولُ مدًى
على رَصيفِ الأذّى و الذُّلِّ لم تَزَلِ

و الکونُ قبْوٌ و هذا الأفقُ مِجْمرةٌ
و البيْتُ رَمْسٌ بعصْرِ الدّاء و العِللِ

◇◇◇

ما حِيلتي؟ ليْسَ لي إلّا قميصُ أسًى
يلفُّني بدِثارِ السُّقْم و المَللِ

و ليْسَ لي غيْر ذكْرى مِن جميلِ هوًى
رَمَتْ بشَوْقي إلى تغْريبةِ الطّللِ

أدْمنتُ حرْفي و لكنْ خَانَني وَجَعي
و امْتصّ أخْيلتِي جوْرا على عَجلِ

لم يُبْق لي أحْرُفا أو بعضَ قافيةٍ
حتّى أشاركَ في أهْزوجةِ الأملِ

◇◇◇

سأكْتفِي بشُجُوني أنْسَ قافيتِي
و أرْفضُ العيْشَ في دَوّامة الجَدَلِ

و أتْركُ الشّوقَ و الأوجاعَ تُبْحِرُ بي
(أنا الغريقُ فمَا خوْفي مِن البَلَلِ؟)*

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *