إحدى المجلات الأدبية الصادرة في لندن أرسلت لي هذا السؤال ” كيف يمكن للكاتبة العربية تغيير الواقع الكارثي المذل ؟؟ “
:أمام قبح الواقع وبشاعة غبار الحروب والاقتتال والدم كتبت
حين تكتب المرأة العربية ، بداية تدخل في عزف منفرد ، تشد أوتار القلم على ايقاعات احاسيسها ثم تضع عنقها على حبل الهروب ، حيث تشد الحبل حتى ينفصل عنقها ، لتجد رأسها متدحرجاً على أرض الواقع ورصيف التمزق .
ثم تنتبه الى الأبواب المغلقة والشبابيك التي تخطف الفجر وتغتال الشروق ، تحاول إزاحة الستائر التي تمضغ الوجوه وأرغفة الفقر وحناجر الأقلام واهتراء ذهان جدران الانتماء ، عندها تفتش المرأة الكاتبة عن معاطف الحقيقة لكي ترتديها وتخفي بين طيات صوفها دفء الوطن ، تفتش عن سقف لا يسقط عليها ، ولا يشهد على موتها أو غربتها أو اغتصابها
المرأة العربية – الوطن – الآن تتعرض لأقسى وأشرس حملة ، ولولا عصا الإرادة القوية لانكسرت وتبعثرت ، لأن المرأة هي حارسة عتبات البيوت التي دُمرت وهرب سكانها ، تدفع فواتير الحزن بشجاعة الإصرار، رغم الذل اللاحق بها ، لكن الكاتبة العربية تحضن العتبات التي مازالت تحمل رائحة الخطوات ، تكتب بحماس أنثى مرغوبة ترفض مواعيد الرجال
المرأة الكاتبة لا تستطيع التغيير بالكتابة ، لأن القلم في عصر الرصاصة والحقد وطاعون المؤامرات ، هو عبارة عن رشة ملح في الجرح المفتوح ، يوجع ، يصرخ ، لكن إغلاق الجرح يكون بواسطة رجال السياسة ، أباطرة العصر، وخيول التضاريس الجغرافية الجديدة ، يشفى الجرح المفتوح فقط بزواج السلطة مع الشعب زواجاً ديمقراطياً وانجاب طفل الحرية
المرأة العربية كانت وما زالت تدفع ثمن الحروب ، والمرأة الكاتبة الوجه الآخر للمرأة العربية تنطوي على ظلها ، الكتابة بالنسبة إليها تتحول إلى خيمة تشرد ، تراقب نمو الوجع والخوف في سهول السياسة ، تدفع ثمن جسدها المباح على طول الأفق الديني ، تفتش عن إنسانيتها في سراديب الفتاوى ، التي قامت بخياطة إنسانيتها وحياتها وطموحها وأحلامها واستقرارها داخل كفن التجارة ، تحت مسميات عديدة وواجهات المتاجر اللحمية ، ذابت المرأة العربية في صابون الإعلام ، ولم نعد نرى الا فقاقيع سوداء
يتقاطع على جسد المرأة العربية جميع أنواع الاستبداد والتخلف والجهل والزنازين والإرهاب ، والمرأة الكاتبة تستطيع البوح والصراخ وتمزيق أوراق الوطن العذراء ، تفتش في صناديق التاريخ ، تجهز الخناجر لذبح الممنوع والمسكوت عليه ، ولكن لا تستطيع أن ترسم ملامح الغضب على وجه الحاضر ، لا تستطيع تحريك اصابع الكوابيس القادمة من القصر الرئاسي ، الملكي ، أو من التخطيطات التي تضبط على توقيت الدم والدمار
الكاتبة العربية تحتمي بالغربة والاغتراب ، تجلس على الخرائب ، تحشو قلمها برماد القهر ، وتقيس المسافة بينها وبين الأحلام ، فتجد نفسها وردة طلعت من جوف الصخر
الكاتبة العربية تحمل في دورتها الدموية ما قاله محمود درويش
لا شيء يثبت أن الزمان طويل اللسان)
سوى الكلمات التي لا تصد سوى موت صاحبها ، فقلها ، وقلها
(وخفف عن القلب بعض التلوث والأسئلة