عندما سرقت رغيفها من محفظة ابنة خالها ،اهتزّ القسم ،وزمجر المعلّم ،وشهر عصاه الرقيقة ،التّي جلبتها له الضحيّة ،في بداية السّنة الدّراسيّة ،من زيتونة بحقل والدها، هي لا تعرف كم عمرها؟!، فقط تعرف طعم زيتها ولون حبّات زيتونها الأسود الكبيرة
– كان القسم كطنجرة ضغط تملأ أرجاءه وشوشات تتطاير من الالسن إلى الٱذان ، يتهامس التّلاميذ بأصوات تشبه اللّغو ،وأصابعهم الصّغيرة تشير للطّفلة ،التّي في لحظة حملت لقب سارقة ولصّة، وهي تنظر تارة للسّماء الماطرة، وطورا لعين تختبئ في مكان ما لتنصفها،غير أنّ يأسها أخذ مكانه في قلبها ومدّت يدها الكثيفة الشًقوق كأرض أدماها الجفاف، وكشفاه عاشرها الصًمت والعطش، لتمرّ جراح العصا لقلبها المعتّق بحزن وراثيّ، لتصرخ من ملح الأسى بصوت مرتبك ومتقطّع الأنفاس حين تكون الغصّة في أوج الحلق
– سيّدي: لست سارقة
ردّالمعلّم بغضب: اذن مااسم ما اقترفتيه
أجابت: سيّدي كيف أسرق رغيفا أمّي أعدّته لنا؟!
توّقفت يده كجماد في فضاء وانهال على الطّفلة بالاستفسارات ،ليعلم أنّ اليتيمة تقيم في بيت خالها وأمّها والذي هو بالاساس بيت الجدّ، وأمّها لا حصّة لها واضحة
دهست قلبه حيرة واختار قسمة الرغيف بينهما، وفي جيوب عقله سؤال. عن هويّة اللّصّ الحقيقي الذّي يتستّر بلحاف الصّمت الاجتماعي