في باحة الاستراحة توقفت سيارة سوداء، ترجل منها شاب في ربيعه العشرين، كانت تبدو عليه علامات التوتر والشرود. توجه إلى أقرب طاولة، رمى بجسده على كرسي متهالك، ساهمت أشعة الشمس الصيفية في تفتيت دعائمه. راح يقضم أظافره بتوتر وعينيه لا تفارقان الباب الرئيسي للباحة .أشار مسير المقهى للنادل، وأمره بتلبية طلبية الشاب الشارد
كان الشاب يعيش صراعاً داخلياً، وجد نفسه في مدينة مجهولة الإسم، يتشابه سكانها في ملامح الوجه والقامة، والملابس […]، تحكمهم امرأة عرجاء، تحيط بها أربعة كلاب ضخمة، وتحمل في يدها اليسرى صولجاناً من رؤوس بشرية… كان يحاول أن يتخلص من قبضة أربعة حراس أجلاف، يرغمونه على السجود للملكة، وتقبيل الأرض
توجه النادل إلى طاولة الشاب،وعرض عليه خدماته، لكنه وجده غارقاً في شروده، كأنه يطل على مجهول مرعب، تراجع النادل إلى الخلف، وهاله ما رأى، فعاد مسرعاً إلى مسير المقهى، وأخبره بحالة الشاب الشارد، مشبهاً إياه بشبح تاه عن قافلة الأشباح المسافرة إلى مدينة الأموات
كان الشاب يصرخ، ويستغيث، لكن الرجال الغلاظ يصرون على إرغامه على الانحناء، وسكان المدينة يدندنون بترنيمة غريبة[ كبسخجافنتا]… وقفت الملكة ورفعت صولجانها فعم الهدوء الساحة، ثم تقدم حارسان بآلة حديدية عجيبة، يجرها خنزير أحمر
توقف الخنزير وسط الساحة، فأسرع الحارسان إلى فك العربة المجرورة، وتثبيت الآلة العجيبة في مكانها
أمرت الملكة بنقل الشاب الشارد ووضعه داخل الآلة. اقترب الحارس منها، وطلب تجريبها قبل إدخال الشاب فيها، فحمل الرجال الغلاظ الخنزير الأحمر، ووضعوه داخلها، فتحركت الآلة وأصدرت ضجيجاً يشبه أنين المريض، قبل أن تلفظ رجل ذا قامة صغيرة يشبه سكان المدينة. صرخ الشاب: الخنزير تحول إلى رجل […]
تحرك الحارس نحو الشاب، وحاول أن يحمله، لكنه كان يصرخ ويبكي: لا أريد، لا أريد[…] أنا مختلف
فجأة استرجع الشاب وعيه، وأجال بصره في المكان، حيث وجد نفسه في غرفة بيضاء داخل مستشفى المدينة، فرفع بصره إلى التلفاز الذي كان يعرض نشرة الأخبار المسائية، والصحفي يستعرض أخبار العالم، انفجار مرفأ بيروت، الأزمة الخليجية، حرب اليمن، حفتر بليبيا، الأزمة الإقتصادية… ثم شرع في الصراخ لا أريد، لا أريد[…] أنا مختلف