رسالة إلى محمود درويش / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


دِرْوِیشَنا (سَأصِيرُ یَوْمًا ما أُرِیدْ )
حُلْمٌ یُعَمِّدُنِي بِاؔلاءِ الوُعُودْ
حُلْمٌ یُدَثِّرُ ثَلْجَ اؔمَالِي الّتِي
قَدْ لَفّهَا مِن بَرْدِ أوْصَالي جَلِیدْ

طَیْفٌ یُحَدِّثُنِي بِأنِّي ذَاتَ فَجْرٍ
سَوْفَ أُبْعَثُ للمَواسِمِ مِنْ جَدِیدْ
وَ بِأنَّنِي العَنْقَاءُ رَفَّتْ مِن رَمَادٍ
تَرْتَدِي في عُرْسِها أحْلَی البُرُودْ
هَبَّتْ رِیَاحُ الشَّوْقِ تَدْعُوها إلَی
قِمَمٍ مُضَمَّخَةٍ بأنْسَامٍ بَرُودْ
وَ هَفَتْ حُبَیْبَاتُ الهَوَی جَذْلَی
تُرَاوِدُها وَ قَد نَامَتْ عَلَی تِبْرِ النُّهُودْ
وَ بِنَفْحِ أشْذَاءِ الرَّبيعِ تَخَضَّبَتْ
فَسَرَى الأَرِيجُ عَلَى مَسَامَاتِ القُدُودْ

صَوْتٌ یَبُوحُ بِأنَّنِي تَمُّوزُ فَجَّرَ
ذَاتَ فَجْرٍ قَیْدَ أضْرِحَةِ اللُّحُودْ
وَ بِأنَّ عَشْتَارًا أتَتْ تَطَأُ الثُّلُوجَ
فَيَسْتَفِیضُ بِنَعْلِهَا نَسْغُ الوُرُودْ
وَ بِأَنَّ قُبْلَتَهَا عَلَی ثَغْرِي سَرَتْ
تَحْبُو شِغَافِي شَهْدَ إکْسِیرِ الخُلُودْ
وبِأنَّنِي فِي رِحْلَتِي نَحوَ الذُّرَى
سِیزِیفُ قَد عَرَّی عَلَی صَلْدِ الزُّنُودْ
وَ الصَّخْرَةُ الصَّمَاءُ إن خَرَّتْ فَلَا
تَفْتَا تُرَاوِدُ فِي المدَی أُفْقَ الصُّعُودْ

وَهمٌ یُرَاوِدُنِي وَ یَدْعُوني إلَی
غَزْوِ الأقاصي والذّرَى،كَسْرِالحُدُودْ
و یُشَاکِسُ النَّبْضَ الّذِي لَم یَبْقَ مِنْهُ
سِوَی شَظایَا مِن تَبارِیحِ الشّرُودْ
و یَبِیعُنِي أمَلًا بَوَارًا تَاهَ فِي
سُوقِ الکَسَادِ وفِي دَهَالِیزِ الهُجُودْ

دِرْوِیشَنا….یَا لَیْتَني أَسْطِیعُ حَقّا
ذَاتَ بَعْثٍ أنْ أکُونَ کَمَا أُرِيدْ
يَالَيْتَ أقْدِرُ أنْ أُرُمَّ وأنْ ألَمْلِمَ
مَا تَشَظَّى في أهَازِيجِ الجُدُودْ
جَفَّت یَنابِیعُ الإرَادةِ و الرُّؤى
فِي مُقْلَتَيَّ وخَافِقِي أضْحَتْ صَدِیدْ
وَ جَنَاحُ أحْلَامِي الّذِي رَامَ الأقَاصِي
والذُّرَی قَد هِیضَ فِي أسْرِ الحَدِیدْ
وجَدَاٸِلُ الشَّيْبِ المُخَضَّبِ بِالأسَى
دَسَّتْ سُمُومَ السُّقْمِ فِي وَرْدِ الخُدُودْ
و عَرَاٸِسُ النَّبْضِ الفَقِیدِ تَرَمَّلَتْ
وغَدَتْ سَبَايَا فِي سَرَادِیبِ العَبِيدْ
وعَلَی رُفُوفِ خَزاٸِنِ النّسْيَانِ نَامَت
وَ الهَوَى فِي حُلْمها دَامٍ طَرِیدْ
وَ حَمَامُ أوْطانِ المَواجِعِ و الجَوَى
جُزَّ الجَناحُ بِرِيشِهِ.. خَرَسَ النَّشيدْ
قَدْ أُجْهِضَ الحُلْمً الّذِي حَمَلَتْهُ
أحْشاءُ القَصِيدِ فَلَا جَنينَ و لاوّلِيدْ
وَ تَخَضَّبَ النَّبْضُ الجَريحُ بِقَيْحِ
أحْمَالِ الدِّمَاءِ النّازِفَاتِ مِنَ الوَريدْ
حَرْفِي ضَرِيرٌ و القَذَى فِي مُقْلَةِ
الأحلَامِ زَاهٍ و المَدَامِعُ لا تَجُودْ
و نَوَارِسِي عَادَتْ عَلَى أعْقَابِها
لَم تَلْق فِي وَطَنِ الطَّوَى غَيرَ الصُدُودْ
وَ تَحَدَّبَتْ مِرْأةُ أحْلامِ الهَوَى
لأرَى بِعُمقِ مَدَارِها عُمْرِي الشَّرِيدْ

مَا عُدْتُ اؔمُلُ أَن يَضُخَّ الحَرْفُ فِي
الأوْطَانِ أكْسِيرَ الشَّهَامةِ والصُّمُودْ
مَا عُدْتُ أومِنُ أنّ بطْنَ الشِّعْرِ يَكْنِزُ
مَا يَضُخُّ الدِّفْءَ فِي قَلْبِ الوُجُودْ
ما عُدْتُ أحْلُمُ أن تَمِيسَ سَنَابلٌ
لِتَزفَّ أبنَاءَ الطَّوَى أحْلَى الوُعُودْ
ما عُدْتُ أطْمَعُ أنْ أهُزَّ بِجِذْعِ نَخْلِ
الشِّعْرِ يَهْمِي بالعَراجِينِ الوَلُودْ…


دِرْوِيشَنا..قُلّي لِمَاذَا يَكْتُبُ
الشُّعَرَاءُ وَ الأوطَانُ فِي قَبْوِ الجُمُودْ؟
قُلِّي : وَ هَل تَتَناسَلُ الأشْعَارُ
والأرحَامُ مِلْءُ نَجِيعِهَا طِينٌ و دُودْ؟
وَ لِمَنْ سَتَصْدَحُ فِي صَقِيعِ الصَمْتِ
أبوَاقُ القَوافِي والمَسَامِعُ مِنْ جَليدْ؟
و الكَونُ يَرْزَحُ تَحتَ أحْمَالِ المَواجِعِ
وَالجَوَى.. والذُّلُّ قَدْ صَفَعَ الخُدُودْ
وحُرُوفُنا تجْثُو ثَكَالَى فَوقَ
أَرْصِفَةِ التَّحَسُّرِ و التَّصَحُّرِ والرُّكُودْ
نَزَّ الصَدَا بِقُرُوحِها فَتَزَمَّلَتْ
بِمُسُوحِها وَ غَدَتْ كَأشبَاحِ تَرُودْ.

دِرويشُ سَامِحْ أحرُفًا قَد حُنِّطَتْ
وطَفَتْ جُفَاءً فَوقَ أمْواهِ الجُمُودْ
و اسْحَبْ مَقالَتَكَ الَّتِي مَاعَادَ لَحْنُ
رَنِيمِها يَسْرِي بِأوْتَارِ الوَرِيدْ
مَا عَادَ نَسْغُ رَحِيقِها وَ رُضَابُها
يَنْسَابُ شَهْدًا فِي مَسَامَاتِ الجُلُودْ
و أسْدِلْ سُجُوفَ اليَأسِ فَوقَ رُؤًى
تَهاوَتْ فِي نِفَاياتِ التَّحَجُّر والجُحُودْ
لَا القُدْسُ عَادَتْ لا القَصَائِدُ أثْمَرَتْ
لَا العُمْرُ يَكْفِي كَيْ تُوافِينا الوُعُودْ


هَل يَا تُرَى مازَالَ فَوْقَ الأَرْضِ مَا
يَدْعُو إلى عِشْقِ الحَياةِ كمَا تُرِيدْ؟
حَتَّامَ نَتْلُو:”و انْتَظِرْهَا” و هْيَ لَا
تَأتِي…و تُلقِي للنَّوَى وَعْدَ العُهُودْ؟

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *