— وهو يحاول غسل وجهه بندى نسائم صباح ,كاتم للصّوت وترشيد أفكاره بعيدا عن وجوه وأطياف توازن وجودها مع نومه ،لتقطع شرود نظراته أصوات متحدة المعنى وبكلّ اللّغات من شاشته الكبيرة التّي التهمت أمتار الجدار ،وراء ظهره ،ومن أبواق سيّارات الأمن ،ومن حملات شباب يحاول تثبيت الحياة المهدّدة بغزو جنود بمواصفات تفوق سرعة العلم والاختراعات ،وأمام العين الضّئيلة الضّوء ، وبين معجزات الكون ،ورقعة شطرنج الظّنون ،والثّوابت الهشّة ،والامتحانات المباغتة والقواعد المتلاشيّة
—- يمسك سيجارته بإحكام ،ويغرق في رشفات قهوة مرّة ، تخفي ملامحه الغائمة دوائر الدّخان ،ليزيده ضغطا ، صوتي الٱتي من ردهة البيت ،محذرا إيّاه من بلاء التّدخين
وأنا أكرّر له نفس القولة من عقود فقط أضفت مفردة جديدة في جملة التّحذير التقليديّة
طمعا في زعزعة عناده ,وانتهازا لفرصة الجائحة عساها تجد طريقها وتحفزه
على الانقطاع عن العبث بأوكسيجين حياته والٱن لا وقتا ٱخر ! استدار نحو الصّوت بهدوء وهو يتمتم بصوته الدافئ.وضحكة خافتة جدا ونظراته السّمراء الواثقة
!اليوم الذّي توّرط في معرفتها
!ولازلت بيني وبين نفسي أتساءل؛ أيّ منّا المقصودة بالورطة ؛ أنا أم السّيجارة ؟