لم أشعرْ بحرِّيَّةٍ تعتري كياني أو تشقُّ دربَها إلى شغافِ قلبي فتنثر فيه من ضوعِ ورودِها كما في هذه اللَّحظةِ وأنا سجينةٌ لذاكَ الشُّعورِ المستكينِ بينَ جنباتِ الرُّوحِ. الضوءُ الذي بحثتُ عنهُ في روحِ الشَّمسِ وكادَ أن يعميَ بصري من وهجِ الحقيقةِ الدَّفينةِ فيهِ، صارَ يتنفَّسُ بعمقٍ يحبسُ في شهيقِهِ انبهارًا ويعتقُ في زفيرِهِ احتراقا، ولكيْ أتجنَّبَ لذعاتِ الاشتعالِ، ها أنّي أغمضُ العينين فماذا أرى سوى النّور؟ إلّا أنه نورٌ بلا ألوانٍ، البحثُ عن اللَّون في إغماضةٍ صار ضالَّتي المنشودةَ صار لعبتي المفضَّلةَ حتى استوليْتُ على مملكتِهِ، أنا الآن منتشيةٌ بهِ. الأحلامُ باتتْ تتكاثرُ على ضفافي أنا النَّهرُ الشّاهقُ في سريانِهِ المتَّجهُ لا نحو الوادي وإنَّما نحو السماء. تلك الأحلامُ سأترُكها تتداخلُ في ثنايا الوجدِ لربَّما تشابكتْ خيطانُها لتحوك قصةَ حبٍّ بلا أبطالٍ.يا نفسُ حدِّدي مسارَ دمعتِكِ أهي دمعةُ حزنٌ أم دمعةُ فرحٍ؟ يا نفسُ ثوري على ذاتِكِ خلِّصيها من سماكةِ غشاوةٍ حَنّطَتْ أعمدتَكِ اللَّيّنة فكيف لك بها أن تنعتقي يومَ التجلِّي يومَ الارتفاعِ نحو سمٰواتٍ تفتحُ لكِ أذرعتَها بمحبةٍ؟! لعلَّكِ حينَها ستفقهينَ أنّكِ أدركْتِ ما جهلتْهُ بقيّةُ النُّفوس، لعلَّكِ حينَها ستسبرينَ أغوارَكِ وتلتقطينَ كنوزَكِ النَّفيسةَ التي بعدُ لم تتراكمْ عليها أغبرةُ الضَّياعِ والظُّلمة. إليكِ يا روحُ وصيَّتي، أنْ قوديني إلى دهاليزِك فأورثكِ نعيمَ الأنا الشامخةِ بغلواءَ ورفعةٍ والتي تناسيْتِها فتناساكِ بذاكَ الزَّمنُ، إلا أنَّ في وصيتي خلاصَكِ فهل ستأخذينَ بِها؟