كمن يبحر في الرمال
آخر شاعر يبوح بسره
لسلالات منقرضة من القصائد
أنجبتها تواريخ ما بعد الأسطورة..
فما الحاجة إلى استعارات حداثية
لم تعد تعني أحدا؟
إنه شتاء تشرين..
غيمة من قطن تتدحرج في الفراغ
حيث لا مطر..
مكمم هو الغناء على وجه شرفة عجوز
تطل على مقبرة
فكيف تصدح الكمنجات؟
مُفرَغٌ هوَ الهواءُ من فَوراتِ الحبّ والعِناق
فكيف تلِد القصيدة؟
مُجَرَّدةٌ من الطعم والرائحة ..فناجينُ الصباح
فكيف أقرأك ..و قلبي الغريب
مُعَقَّم ضِدَّ الوضوح..
ككيسِ حزنٍ مُلقًى في البحر؟
كيف أَلتقيكَ دون عزل..
فلا تبردَ فيّ القصائد
وتتحولَ إلى حشرجة؟
على رف غيمة
تتحسسُ أصابعي ضيقَ الفضاءِ
بالأنوفِ والعيونِ التي روَّضها الخوف
فعجزت
عن اختبار أبواغ الحب
في أزقتها العميقة..
من هناك..
كنت أستمع إلى صوت الأشجار تضاهي بعضها في التَّعرِّي
لتزهرَ ما بعد الثلج
هي الوحيدة التي لم تعترف بصفقة الفصول المختبئة
وراء ازدواجية النبوءات..
هي الوحيدة التي لم تصبها أعراض الوباء و الذباب الإلكتروني..
والصحف الصفراء..
هي الوحيدة التي مازالت تمارسُ الحبّ
دون عزل.. ولا كمامات..
تلك الأشجارُ.. مازالت تتنفس برئة واحدة
دون السجود لطوطم الخوف..
ونحن الأحياء الموتى
بين ضوضاء الحَجْرِ والضَّجَر
مازلنا نقيمُ الصلحَ مع خرائب الحلم
في مقاهٍ حليقةٍ تعاني من فوبيا الاقتراب..
نُحدِّقُ في ثقبٍ أسود
يمتصُّ الألوان من سحناتنا القزحية..
مازلنا نصدِّقُ..أن برقا خللَ الضباب
سيُعيدُ إلينا العناقَ ..والانعتاقَ..
وقبلاتِ المطر..
مازلنا نأكلُ شطائرَ خيباتِنا
في صحونٍ مُعقَّمة..
فلا درسَ لدينا نلقنه للتاريخ..
بلا شتاءٍ هذا العام
ولعلنا الثمرة الوحيدة العالقة في حنجرة العالم
والتي..
مازالت تحمل في جيناتها
شجرة العائلة..