الخريف، ضيفنا الثقيل
حلّ على أعتابنا،
بجلبابه الملطّخ بالماء والطين.
سنكون طيّبين،كالشّجرْ
وسنحمله على أكتافنا
ونفتح له أجْسامنا،
ونُفرشُ له ما فيها،من وبرِ الحنين.
لا زِلنا بسطاء،
لا بالضّرورة،
بل، منْ جرّاء أذىً أصابَ السماءَ،
فهوتْ على أحلامنا،ومسّها الضرّْ،
ولأنّنا طيّبون،غادَرْنا أحلامَنا
وفضّلنا، أن نرمّم السّماءَ
كي يعود المطرْ
إلى كفوفِ السحاب.
كائناتٌ،نحن،قابلة لإعادة التّدوير.
دائريون، دائريون، دائريون………….
إلا ما لا نهاية،
نطوف على أوهامنا
كحلقات الكون المفقودة في ذكر الله.
نستخيرُ رمقَ الحياةِ من الحياة،
ومن وجودٍ جارتْ عليهِ السنين
لكننا، ومع ذلك……………. طيبين
خرجنا من صخورِ الغَيب كحُساس المِلح،
تَستَلذُّنا دابّة الريح كما يُستلذّ المديح الكاذب،
فنتلو تلاوتها،
لترفعنا شاكرين كالأنبياء،
وترجِعُنا ذات بعثٍ إلى حواسّنا سالمين.
صدفة،فتحنا حبّة القمح.
فعثرنا على منفذٍ يؤدي إلى الغيب
وصرنا، نحن يا خريف،
عراةَ اللغة، يتامى بلا أسماءْ.
وصِرنا……………………………….. طيّبين
قلوبنا جِرارٌ من قصب نما في الصحراءْ
جرارٌ، سقطتْ قديما،من قوافلٍ
كانت تُهرّب دمَ الأنبياءْ
إلى شرايين الأرض.
فكنا، وكانت تراتيلُنا جوفاء.. جوفاءْ.
لكننا طيبون
حين استأمناك يا ضَيفَنا الثّقيل.
فاشربْ من نخبنا،
وأقم بيننا إلى حين.
لا تدخل علينا عنوة،
بل أدخل من حيث خرجت،
صامتا، من جرحِنا الدّفين،
فمَن دخَل جرحَنا فهو آمن،
ومن خرج من جرحِنا فهو آمن.
آمن، إلى أبدِ الآبدين……………..