عاد الربيع واخضرت عيناك
ولولا عيناك لما عاد
استعصى على البيان وصفهما
وجف الحبر من دمع كان فيه مدادا.
فيهما الأهداب ظلال نخل مائلة،
هذبها الليل ، فاشتدت سوادا.
فيهما النظرات سيوف باترة
فتكت بالصدر ، والضلع صار لها غمادا.
حراب سقيت بسم فهي قاتلة
بالصديد إذا الجريح نجا وابتغى ارتدادا
ويل لمن رآك إليه مبصرة
من قبس نار يصير لها زنادا
هام في دجى صحراء حالكة،
هدت من قبله بالورى أعدادا.
كلما ارتأى له السراب في أفق،
وظن به نزلا ، زاد منه ابتعادا.
تراه يلهث هاربا في ذعر،
زورق أنا ، تائه في بحور مظلمة
حطمه الموج وكان له مكادا
رمى به إلى أرض نائية،
دفنته في شطها الرمال ، وحطت
عليه أكوادا.
أنا الغريق يبكي على ورطته
تشبث بالخشاش وبالنقذ نادى،
رد الصدى على صرخته:
يا باسطا ذراعيه عدت منقلبا،
فذق طعم زقم ضننته شهدا ومسادا.
لا يبحر في عينيها سوى ذو تجربة
في الإبحار ومن على الموج علا وساد.
إكتوى القلب يا ربي وشبت النيران به
وصار هشيما ورمادا
تذروه الرياح الى شر منزلة
وتنثره على الثرى سمادا.
سبحان من سواك فاتنة،
من نطفة ثم جذع به نقمة….
سبحان من بلغ في أمر الجمال
المطلق والكل والسدادا……