ولازال يقيني أنّي ما استدرت إلاّ لأسمع نشيدا يهتف من دهاليز النور البعيدة ,من بين كثبان أعشاب مزهرة في حقول الرّبيع المنسيّ ,على تلال الطفولة المبكرة وأرى بأمّ سمعي هتاف عاشق يساور ضفائر الريح . ويشهق من صدر الوداع بأنين صامت على شفاه قرمزية الأفق , وهي تتجرّع نسائم الشّفاء على ساعد عاشق يتلو أهازيج اللّيل وينثرها على مروج الخوف , وينساب من وجه حضنه الفاره سنوات من وحدة مرموقة الشجن ليعيد ملأ خزائن نبضه بصورة تبعث حية مع كلّ قطرة حبر تولد كحسناء من جنباته النحيلة , فتتغنّى بديمومة الانصهار في روح بلون الغمام وشكل الضّباب , القادر على إخفاء القمر والشّمس , ليعلنها عشقه الأكثر سعادة في حزنه
ولازال سمعي يسعفني بموسيقى الكمنجة المتحرج على أنفاس ناي عاشق لرعاة زمن ولّى واندس بين شقوق الصّخور , ليثبت لي أنّي أتوق لرؤية الكون من القمم كما الصقور تماما