الآفاق الجديدة للنقد الأدبي الرقمي / بقلم: ذ. عبد الكريم حمزة عباس / العراق


اذا أردنا أن نعرف الأدب الرقمي بأبسط تعريف فيمكن القول أنه نوع من الأدب مكتوب ومقروء على شاشة حاسوب، ولا يقتصر الأدب الرقمي على الكلمة المكتوبة بل إنه يستخدم مجموعة من الوسائط التقنية الحديثة حيث يتفاعل قارئ الادب الرقمي مع حواسه حيث يمكن أن تكون التجربة بصرية وسمعية ولمسية وحركية، والآن أصبح الوصول إلى الأدب الرقمي أسهل من أي وقت مضى مع توفر الهواتف الذكية والأجهزة الحاسوبية المحمولة والأجهزة اللوحية والتي تقدم إمكانيات جديدة وأشكالا جديدة للقراءة، حيث أصبح للثورة الرقمية تأثيرا قويا على نمط القراءة ومنها تحليل النصوص الأدبية والذي خضع لتغيرات كثيرة استجابة للتطور الرقمي الهائل.
ونتيجة لذلك ظهر ما يسمى بالنقد الأدبي الشخصي والذي يجسد فيه الناقد تجربة قراءة عمل أدبي معين كوسيلة لتوضيح تحليله الشخصي لذلك العمل، إن هذا الشكل من النقد الأدبي قد جعل من القراءة الرقمية الحديثة نشاطا ملموسا، ورغم أن هذا النوع من النقد الأدبي قد ظهر منذ فترة ليست بالقصيرة إلا أن الاعتراف به يشكل أحد التطورات الأكثر إثارة في المجال النقدي الأدبي الحالي.
ونتيجة لكل ذلك تمكن الناقد غير المهني من خلال ساحة العالم الافتراضي من فرض هذا النوع من النقد الأدبي، وبذلك تغيرت معايير جودة النص الأدبي، فالنص الجيد الآن هو ما يلقى استحسانا وما يسهل فهمه مما أدى إلى تراجع النقد الأدبي المهني واستبداله بالنقد الأدبي الإلكتروني الفوري أو ما يسمى بالنقد الأدبي الرقمي، وظهرت الفجوة واضحة ما بين النقد المهني والنقد غير المهني وهي المقارنة التي قد تلقي الضوء على ممارسات التقييم الحالي للنصوص الأدبية.
إن وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت دورا كبيرا في نشر النقد غير المهني وفتحت المجال للتفريق بين الناقد الأدبي المحترف وغير المحترف بشأن من لديه القدرة الحقيقية على تحديد ما هو جيد وما هو سيء، وغالبا ما يتهم الناقد غير المحترف الناقد المهني بالعزلة والنخبوية وأن عليه أن يغير من معاييره النقدية ويكيفها مع الوسائل الرقمية الحالية والظروف الجديدة للقراءة الرقمية.
ولابد من الاعتراف أن هذه الاتجاهات الجديدة من النشر الذاتي والنقد الأدبي غير المتخصص والأشكال الجديدة من التقييم الأدبي لا يمكن إهمالها ولا يمكن تجاهل تأثيرها على المجال الأدبي الحالي، حيث تمكن الناقد غير التقليدي من التأثير على الاتجاهات الأدبية بصورة ما، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أثار هذا التحول التخوف من عمق تجربة النقد الأدبي الرقمي الحالي والذي يسعى في بعض الأحيان إلى التناول السريع للنص الأدبي والتحليل السطحي بدلا من النقد الشامل الدقيق.
ولا شك أن النقد الأدبي الرقمي قد أحدث تغيرات كثيرة في المنظومة الأدبية وأثار التفكير في العديد من المفاهيم المرتبطة به، بما في ذلك التصور الخاص بالقارئ والمؤلف والنص والذي أدى إلى تغير التصور الخاص بالناقد الذي يتناول الأدب الرقمي ومنها تغير مفهوم النقد الأدبي الرقمي ذاته، لذا لابد للباحثين والدارسين والمتخصصين من تسليط الضوء على وجهات النظر الجديدة التي يقدمها الأدب الرقمي الحالي من خلال استكشاف العملية النقدية وما طرأ عليها من مستجدات والتركيز على النتيجة النهائية التي توصل إليها النقد الأدبي العربي الرقمي المعاصر.

ذ. عبد الكريم حمزة عباس / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *