موّاليَ الحزنُ / بقلم: ذ. وليد حسين / العراق


صَبَا إليها فلم يُعدِم غِنَى سِمَةِ
إن أمطرتهُ جوىً يَندَى على شَفَةِ

ما اشتدَّ إلّا صهيلُ البوحِ يسكبهُ
جمراً فنادى مُغيثاً دونَ حَنجرةِ

هل كان ليلي كليلاً يومَ عاصفةٍ
يجتثُّ صوتاً بعيداً خلفَ أدعيةِ

وكنتَ وحدكَ يا للروعِ كم هتفت
تلك الجموعُ وما أبقت على دَعَةِ

موّاليَ الحزنُ لا طيشٌ يصبّرني
حينَ انتفضت وما أثنى على ثِقتي

أ كانَ حُلماً.. تراني دونَ باصرةٍ
أم إنّهُ الوهمُ يسعَى خلف أُحجيةِ

تاللهِ إنّي بغير الوصلِ ما هدأت
نفسي كأنّي شراعٌ ماجَ من جِهةِ

حيث المرايا فهل عادت ملبّدةً
بالذكريات وما جاشت بلا صِلةِ

يا كلَّ وجهٍ تلوّى في مشقته
هل أنت مثلي عزيزٌ يومَ مرحمةِ

نما بي الحزنُ يا اللهُ.. يقلقني
رجعٌ يهزُّ صدى الأيّامِ في عَنِتِ

في كلِّ بوحٍ تجدني في الهوى تعباً
فلتعذريني إذا أنهكتُ تجربتي

لعلَّ قلباً همى يصحو على أملٍ
حيث الفراقُ مقيمٌ بين أغطيةِ

وقد تعدّى بذاك البينِ أمكنةً
كانت محطَّ رحالٍ بين أنديةِ

وقد تسمّرَ لا خطوٌ ليربكَهُ
إلّا على شائكٍ من هولِ مَترَبة

فهل يفرُّ إلى أينٍ.. وكم بَعُدت
تلك المسالكُ في استيفاء أجوبتي

مازلت أحملُ وزرَ القومِ إن علقوا
يوم التزاحمِ في تبريرِ مُعضلةِ

وكيف أنسى وقلبي لم يزل ثملاً
إن قيلَ كأسٌ تراءى فوقَ مأدبةِ

وكم مَشَينا بلهو لا يفارقنا
ذاك الدويُّ فأغرى كلَّ أوديةِ

علامَ أصحو وإنّي بين مَجهلةٍ
تجترُّ صَخبَ فراغٍ دون تبصرةٍ

وقد تعيد لنا بعضَ التي انسلخت
ما بين عجزٍ وشكٍ خلف مئذنةِ

هل من سبيلٍ ونفسي لا تطاوعني
أن أسدلَ الحقَّ عن غلٍّ بمقربةِ

وأن أصوغ سؤالاً لا أمرّره
من غيرِ كلا إذِ استغنى بمسألةِ

لكلِّ بابٍ تعافى حينَ يطرقهُ
فكرٌ تجرّد عن زيغٍ ومنقصةِ

وليس يحدثُ شرخاً في مناوبةٍ
تبغي الصعود بمرقى دون تذكِرةِ

كأنّما القلبُ يلقي خوفَ غاشيةٍ
سرَّاً إليك وقد أبقاك في سَعَةِ.

ذ. وليد حسين / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *